Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

يؤثر تغير المناخ على النساء بشكل مختلف – هذا ما يمكننا القيام به

© UNFPA/Tobin Jones

تتغيّر درجات الحرارة على كوكبنا الآن أكثر من أي وقت مضى. تغيّرت الفصول، أصبحت موجات الحرّ والفياضانات أكثر شيوعاً، ذابت الكتل الجليدية وازدادت حدة أزمات الغذاء.


لاحظ الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC)  أن درجات الحرارة ارتفعت بمقدار 1 إلى 3 درجات مئوية عما كانت عليه عام 1990. كالعديد من التغيّرات الأخرى في العالم، أضرّ ذلك ببعض المناطق واستفادت منه مناطق أخرى – لكن تكاليف الاحتباس الحراري العالمي وتغير المناخ ستزداد مع مرور الوقت كما يحذر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ.

تميل التغيرات الصغيرة في درجات الحرارة إلى إحداث تغييرات هائلة في البيئة. وبالنسبة للنساء والفتيات، قد ينتج عن ذلك تأثيراً غير متناسب بالنسبة لهنّ كلما زادت الأحوال سوءاً.

وجدت الدراسات التي أجرتها منظمات مثل الأمم المتحدة و”أوكسفام” و”أكشن إيد” أن النساء والفتيات أكثر عرضة لأنماط الطقس السيئة وانعدام الأمن الغذائي والظروف المعيشية التي لا يمكن التنبؤ بها.

ومما يزيد من تفاقم تأثير تغير المناخ على النساء، هي حقيقة أنهنّ يشكّلن غالبية فقراء العالم، وهي مجموعة أخرى معرضة لخطر كبير. وفقاً للأمم المتحدة، 7 من كل 10 أشخاص فقراء هنّ من النساء. في المناطق الحضرية، هناك اثنتان من كل خمسة من أفقر الأسر في العالم تعولها نساء. بالإضافة إلى ذلك، فهنّ يشكّلن غالبية المزارعين وعمّال المزارع في العالم، إلا أنهنّ يمتلكن أقل من 10 في المائة من مساحة الأرض، ممّا يعني أن النساء يواجهن عقبات كبيرة أمام الدخل المستقل وملكية الموارد.

لكن النساء لسن مجرد ضحايا لتغير المناخ.

ورثت النساء المعرفة والخبرة العملية في استراتيجيات التكيف، من جمع المياه وإعادة التدوير، إلى حفظ الأغذية وإدارة الموارد الطبيعية.

تقول أليس نجيري، وهي مزارعة في قرية صغيرة في مرتفعات كينيا، أن “الأمور اليوم ليست بالتأكيد كما كانت عليه عندما كنت أصغر سناً.” الآن وهي في السبعينيات من عمرها، شاهدت التحول في ما يمكن أن تنتجه مزرعتها والدخل الذي تكسبه عندما أصبح تغير المناخ أكثر واقعية من أي وقت مضى.

“أصبح الحصول على الماء أصعب بكثير الآن. حيث كان لدينا أنهاراً، أصبحت اليوم كأنها ممرات ترابية. لا يزال يتعين علينا إطعام عائلاتنا والمزرعة هي كل ما نملك، لذلك أصبحنا أكثر إبداعاً.”

فبدلاً من زراعة الخضروات ودرنات النبات الأساسية مثل البطاطا الحلوة ونبتة الأروروت عبر مساحات من الأرض، على سبيل المثال، انتقلوا الى زرع الكثير من الأطعمة في أكياس. “تملأ كيساً من الخيش بالتربة والسماد، وتثقبه في كل مكان وتضع بذورك فيه.  بهذه الطريقة، سوف تحتاج مياه أقل بكثير من التي تحتاجها عندما تكون مزروعاتك منتشرة في الأرض،” تقول نجيري.

يستخدم جيرانها أيضًا أحواض البذور المرتفعة، ويزرعون طعامهم في مساحات ضيقة جداً لتقليل كمية المياه التي يحتاجون إليها. المهاد والظلال المؤقتة هما القاعدة. بذلك، يتم حفظ المياه وإعادة تدويرها.

“عندما كنت أصغر سناً، كان لدينا مزروعات تنمو في المزرعة على مدار العام. الآن، لم يعد لدينا تلك الرفاهية.”  تقول نجيري: “نحن نأكل المزروعات التي يسمح لنا الطقس بنموها.”

لكن هذا النوع من التكيف الذكي مع المناخ لا يسير دائماً كما ينبغي. في منطقة الساحل في إفريقيا، على سبيل المثال، بمجرد وجود العديد من الأنهار فيها، ترتفع درجات الحرارة بوتيرة أسرع من المتوسط ​​العالمي. تقدر الأمم المتحدة أن 80 في المائة من الأراضي الزراعية في المنطقة قد تدهورت.

في محاولة للاحتفاظ بمياه الأنهار المتضائلة بسرعة في الكاميرون، أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن الصيادين والمزارعين حفروا الخنادق للحفاظ على ما في وسعهم المحافظة عليه. الجانب السلبي هو أن ذلك قد خلق مصائد للماشية التي تنتمي إلى مجتمعات رعوية، ممّا أدّى إلى اشتباكات عنيفة هذا الشهر أجبرت آلاف الأشخاص على الفرار – 98 في المائة منهم من النساء والأطفال. يُجبرون على العيش في مخيمات اللاجئين، ويواجهون مخاطر متزايدة من العنف المنزلي والتحرش الجنسي والاتجار والزواج القسري للأطفال.


في جنوب شرق آسيا، يعيش 77 في المائة من سكان المنطقة على طول سواحل منخفضة، ويهدد ارتفاع منسوب المياه بطردهم من مساكنهم. بالفعل، ضربت الأعاصير الفيلبين، وشهدت ميانمار الأعاصير المدمرة، وتواجه إندونيسيا حالياً سلسلة من الفيضانات، وأدرجت الفيتنام تغير المناخ كتهديد كبير لوجودها. وكانت نتيجة هذه الكوارث المرتبطة بالطقس هي النزوح من المنازل والأزمات الغذائية وانعدام الأمن المائي. بالإضافة الى أن الأعراف الاجتماعية الراسخة غالباً ما تمنع النساء والفتيات من فرصة اكتساب مهارات مثل السباحة أو التجديف أو تسلق الأشجار التي يمكن أن تساعدهنّ على التعامل مع الكوارث المناخية القاسية.

في المنطقة العربية، من المتوقع أن يرتفع متوسط ​​درجات الحرارة السنوية بأكثر من خمس درجات مئوية، مع زيادات كبيرة في عدد الأيام المصنفة على أنها “شديدة الحرارة”، سيكون هناك أيضاً انخفاض عام في متوسط ​​معدلات هطول الأمطار. سيكون لتغير المناخ في هذه المنطقة، كما هو الحال في مناطق أخرى من العالم، تأثيراً شديداً على النساء والمجتمعات الفقيرة والمهمشة التي تعتمد على الموارد الطبيعية لكسب العيش. تعتمد النساء، لا سيما في المناطق الريفية، بشكل كبير على زراعة الكفاف (أي المزروعات التي تعتمد على الاكتفاء الذاتي) والرعي المراعية للمناخ.

في جميع أنحاء العالم، غالباً ما تعني التسلسلات الهرمية الغذائية الراسخة أنه عندما يكون هناك نقص في الوجبات، يتم وضع النساء والفتيات في أسفل قائمة الأولويات، ممّا يعرضهنّ لخطر المجاعة. أصبح نقص التغذية وسوء التغذية خصمين مألوفين لهذه المجتمعات بشكل متزايد. يؤدّي تضاؤل ​​المراعي وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتضاؤل ​​الوصول إلى الموارد الحيوية إلى تأجيج الصراع في مناطق العالم الأكثر تقلّباً. بالإضافة إلى ذلك، تتحمل النساء الجزء الأكبر من عبء الرعاية، ممّا يقلل من فرص وصولهنّ إلى التعليم.


ولكن على الرغم من هذه الظروف الصعبة بشكل متزايد، تجد النساء طرقاً متعدّدة للتكيف وضمان بقاء أسرهنّ ومجتمعاتهنّ. ومع ذلك، فإن غالبية هذه الجهود المتضافرة لمواكبة التغييرات في البيئة تتمّ على نطاق صغير قد تكون كافية حتى اليوم – ولكن قد لا تصمد على المدى الطويل.

تسعى اتفاقية باريس إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بأقل من درجتين مئويتين، ويفّضل أن تكون 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي.  وهذا هو المكان الذي يجب أن تلعب فيه السياسات التي تراعي الفوارق الجندرية، والتي تأخذ في الاعتبار الاحتياجات والقدرات الخاصة للرجال والنساء.

يجب معالجة عدم المساواة في الحصول على الموارد، بما في ذلك الأراضي والتدريب الرسمي والائتمان. يجب أن تكون النساء جزءاً من عملية صنع القرار بشأن توزيع الموارد للتخفيف من آثار تغير المناخ. وعندما يتعلق الأمر بالابتكار حول أزمة المناخ، يجب أن تكون هناك حساسية حول الحواجز الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي قد تواجهها النساء في الوصول إلى هذه التدابير.

في يوم الأخبار العالمي، نستخدم منصتنا للتأكيد على أن تغير المناخ يؤثر على الرجال والنساء بشكل مختلف. في كثير من البلدان، عدم المساواة الجندرية تعني أن النساء أكثر عرضة لواحدة من أكبر الأزمات التي تواجه عالمنا اليوم.

يجب على الحكومات وصناع القرار في جميع أنحاء العالم الاعتراف بهذه الحقيقة والتأكد من أن المعرفة والقدرات الفريدة التي تمتلكها النساء قد تم الكشف عنها، وأن قصصهنّ أصبحت تُتلى، كما أن قدراتهنّ في تشكيل عوامل تغيير قد تم استكشافها أيضاً.

كوكبنا أهم بكثير من أن نترك أصوات نصف سكانه مهمّشة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *