Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

صحافيات يرفضن الصمت: التحرّش الجنسي أمام القضاء في لبنان

ميرا عبدالله

في حين أن التحرّش الجنسي مشكلة إجتماعية عالمية وتُمارس ضد جميع الأشخاص، إلّا أن النساء هنّ أكبر فئة مستهدفة، حيث يطال التحرش النساء في جميع المجالات والأماكن. أما في مجال صناعة الإعلام، تعتبر الصحافيات من الفئات الأكثر عرضة للتحرّش بسبب طبيعة العمل والمهنة، وبالإضافة إلى ذلك فإن جائحة كوفيد-19 رفعت إلي حد كبير مستوى العنف ضد النساء، خاصة في المجال الالكتروني. 

في لبنان، لا يختلف وضع النساء والصحافيات عن سائر بلدان المنطقة والعالم، إذ تتعرّض النساء بشكل أساسي للتحرّش الجنسي والإلكتروني. ورغم وقوع تلك الحوادث على مر السنوات، ولكن الأمر اختلف منذ كانون الأول/ديسمبر 2020، حيث أقرّ مجلس النواب اللبناني للمرة الأولي قانوناً لمواجهة التحرّش الجنسي في أماكن العمل، ممّا دفع مجموعة من الصحافيات في لبنان للجوء إلى القضاء للمرة الأولى لتقديم شكوى ضدّ زميل اتهمنه بالتحرّش. 

تقول الصحافية المستقلّة لونا صفوان، إحدى مقدمات الشكوى، أن أهمية هذه القضية هي أنها الأولى من نوعها ويتم من خلالها اختبار القانون الجديد الذي يجرّم التحرّش في لبنان. كما تكمن أهميتها في إبراز قوّة التشبيك بين النساء والإجراءات الجماعية، لأنه لو اختلف الوضع وتقدمت أي من الشاكيات وحيدة بالشكوى لما كان هناك الشجاعة والدعم نفسه. 

بحسب لونا، “تعكس هذه القضية جميع الأمور التي نتعرّض لها كصحافيات من التنمّر والتهديدات ومحاولات تشويه السمعة أو التشكيك بعملنا أو المخاطر التي نتعرّض لها. كصحافيات نتعرّض لخطر التحرّش الكبير الذي يطغى على المخاطر الأخرى إن كان تحرّشاً رقمياً أو أو جسدياً أو لفظياً أو جنسياً. وعادة ما نتردد بالحديث عن الموضوع خاصة للصحافيات الناشطات الكترونياً اللواتي يتلقّين الكثير من الانتقاد ويتعرضن لحملات ممنهجة لتشويه السمعة.” 

التحرّش ضدّ الصحافيات من أكبر المشاكل التي تعاني منها النساء في مهنة الإعلام إذ أنها تؤثّر على تقدّمهنّ المهني أو حتى على قرار الاستمرار بالعمل في المهنة، وتنبع مشكلة تصاعد التحرّش الجنسي في الإعلام بشكل جزئي من مشكلة عدم وجود توازن جندري سواء في المؤسسات الإعلامية أو في المحتوى الإخباري أو كليهما، وفي دراسة أجراها برنامج “النساء في الأخبار” حول التوازن الجندري في الإعلام، تبيّن أن النساء يشكّلن صوتاً واحداّ فقط من كل 5 أصوات في الإعلام. 

 وفيما يخص التحرّش الجنسي، لا يختلف الوضع في لبنان والمنطقة عن سائر دول العالم، حيث أظهرت آخر دراسة أطلقها البرنامج في إفريقيا عن التحرّش الجنسي أن 50% من الصحافيات تعرّضن للتحرّش اللفظي والجسدي، وعلي الرغم من إن هذه الدراسة شملت البلدان الإفريقية فقط -من المتوقّع صدور دراسة مخصصة للمنطقة العربية في الفترة المقبلة- إلا أن الأرقام التي تظهرها صادمة وتستدعي وجود حل مباشر وسريع، مع الأخذ في الاعتبار غياب السياسات الداخلية التي تناهض التحرّش الجنسي في غالبية المؤسسات الإعلامية، أو غياب قانون يحمي من التحرّش الجنسي في العديد من البلدان. 

“شخصياً، لو لم يكن هناك قانوناً يحمي من التحرّش لكنت قد لجأت إلي أساليب أخرى مثل حكاية القصة والكتابة عن الموضوع وشرح ما تعرّضت له، والتأكد من أن يتم فضح المتحرّش علناً كيلا تتعرّض نساء أخريات لهذا التصرّف. ولكن وجود القوانين والسياسات التي تحمي من التحرّش الجنسي أمر في صالحنا لأنه يتوّج فكرة الشجاعة ويوفر الإطار الرسمي القانوني لحماية النساء وإنصافهن. محاسبة المتحرّش هو العدالة الأساسية للنساء اللواتي تعرّضن للتحرّش.” 

فيما يتعلق بالقضية المنظورة في لبنان، حاولت الجهات الأمنية استدعاء المتحرش بعد تقديم الشكوى، ولكنه، بحسب لونا، توارى عن الأنظار بعد أن حاول شويه سمعة النساء اللواتي تقدّمن بالشكوى ونفي التحرّش بهن بالرغم من تداول صور المحادثات والعديد من الأدلة الأخرى التى تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. 

“من المتوقّع أن تتم محاسبة المتحرّش وتجريمه بحسب القانون وأن يُمنع من التعرّض لنا أو الكتابة عنّا بأي طريقة كانت.” 

ملاحظة:

تم نشر الدراسة المتعلّقة بالتحرّش الجنسي في المؤسسات الإعلامية الإفريقية يوم 6 تموز/يوليو 2021 وهي متوفّرة باللغة الانكليزية على هذا الرابط. سيتمّ نشر ملخّص الدراسة باللغة العربية قريباً. 

إن هذه الدراسة جزء من سلسلة دراسات سيتم نشرها تباعاً خلال الأشهر المقبلة وستتناول المنطقة العربية وجنوب شرق آسيا وروسيا وأمريكا اللاتينية. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *