Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

كيف تحافظين على صحتك النفسية خلال كوفيد-19

تختبرنا جائحة كوفيد-19 جميعًا. نحن نتعامل مع تغييرات هائلة في وظائفنا وأموالنا ومستقبلنا وربما عائلاتنا، كما نتعامل يومياً مع خطر الموت. لا يمكن إنكار تأثير كل هذه العوامل على صحّتنا النفسية.

بصفتك صحفية أو مدربة أو مديرة، كيف يمكنك التعامل مع التحديات العاطفية؟

أولاً، تذكري أن مشاعرك ليست غير شائعة على الأرجح . ثانيًا، تذكري أنك مرنة وقابلة للتكيّف.

تقول أديرين إكسلي، أخصائية نفسية مقيمة في جوهانسبرغ وتعمل في جميع أنحاء إفريقيا، إنها مندهشة من الصمود الذي شهدته كل يوم منذ بدء الوباء. "أسمع تجارب الناس من العنف المنزلي إلى مرض كوفيد-19 والخوف المرتبط به، وخفض الأجور، وفقدان الوظائف، والحزن، وتحديات المنزل المستحيلة، والوالدية الوحيدة، والأطفال المصابين بصدمات نفسية، والوحدة، والقلق، والاكتئاب، وتعقيد العلاقات، وفي بعض الحالات الموت".

"في كل هذا، هناك بصيص أمل واحد. مع مرور الوقت، والمحادثات الشجاعة، والصبر، ستجدين طريقة لتخطّي كل ذلك. استمرّي في الظهور، واستمرّي في التحدث والبحث عن إجابات. احمي نفسك بشدة من ما هو سام بالنسبة لك. تمسّكي بالأشياء التي تريحك. تذكري قوّتك. "

بالنسبة للكثيرين، تأتي الأمور المريحة من معتقداتهم، أو من علاقاتهم الأخوية بالناس.

أشارت مدربة برنامج النساء في الأخبار في بوتسوانا بويتشيبو بالوزوي، إلى أن "عدم اليقين" و "الافتقار إلى الأمن الوظيفي" كانا يزعجان العديد من متدرّبات البرنامج مؤخرًا، وقد أدّى ذلك إلى إطلاق الكثير من الطاقة السلبية غير المنضبط والمزعج. 

"ما حدث في جلسات التدريب هو الحاجة إلى المحاولة – على الرغم من التأثير الواضح لـكوفيد-19 – للتركيز على القيام بما هو إيجابي وممكن، على سبيل المثال:

– البحث عن مهام جديدة في مكان العمل، 
– تحديد بعض التدريبات التي يمكن المشاركة بها في المستقبل، 
–  إدارة الوقت الشخصي، 
– تنظيم جدول العمل مقابل جدول النشاطات الشخصية بشكل أكبر
– اكتساب المزيد من المهارات عبر الانترنت
– القيام بنشاطات بسيطة كقراءة الكتب
– البدء بمشروع شخصي وخلّاق
– القيام بنشاطات تم إلغاؤها بسبب ضغط العمل 
– قضاء المزيد من الوقت مع العائلة

وقالت بالوزوي "الرسالة العامة هي أن هناك حاجة للسيطرة على الوضع قدر الإمكان".

وقالت أخصائية النفس اللبنانية وردة بو ضاهر إن كوفيد-19 يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأشخاص الذين كانوا يعانون من مشاكل القلق في السابق. قد يؤدي تأثير مشاكل القلق هذه إلى اضطراب نفسي. يمكن أن يكون لها أيضًا تأثيراً على الصحة الجسدية: صعوبة في التنفس، والأرق، واضطرابات الأكل، وخطر الإصابة بأمراض القلب. أيضًا، أحد نتائج القلق في بعض الحالات هو الانتحار.

بعض النصائح العملية لإدارة نفسك لمنع الكرب من الطبيبة النفسية اكسلي: 

– أدخلي الروتين الى جدولك اليومي
– تدرّبي على اليقظة 
– مارسي التمارين الرياضية 
– تواصلي مع الآخرين، عبر الهاتف أو عبر المواقع الرقمية إذا أمكن. 

إذا وجدت نفسك في مأزق، تنصح الطبيبة النفسية بو ضاهر بالتالي: 

– تكلّمي. تحدّثي عن كل ما يزعجك أو يشعرك بالإساءة. 
– حاولي أن تكوني على دراية بالمواقف التي قد تجدين نفسك فيها. عندما تكونين في وضع صعب، فلا بأس في طلب المساعدة.
– عندما تشعرين بأنك تعرضت لصدمة أو أي شيء غير مريح، حاولي التحدث إلى أحد خبراء الصحة النفسية. أحيانًا، لا نهتمّ بصحتنا النفسية بشكل كافٍ، ولا ينبغي لنا ذلك.
– اطلبي المساعدة، ابحثي عن الدعم، افعلي كل ما تحتاجينه لتشعري بالرضا في جسمك. لا يجب أن تعطي الأولوية لعملك على صحتك.

الطاقة السلبية وعدم الراحة التي تحدثت عنها المدربة بالوزي يمكن أن تكون علامة على الحزن. في هذه الحالة، يكون ذلك حزن على الحياة كما كانت، وما نفتقده في الوقت الحاضر.

أخبر ديفيد كيسلر، الخبير العالمي في مجال التعامل مع الحزن، هارفارد بيزنس ريفيو أن كلّ منّا يشعر بالحزن بطريقة مختلفة عن الآخر. "نشعر أن العالم قد تغيّر، وهو بالفعل تغير. نحن نعلم أن هذا مؤقت، لكننا لا نشعر بهذه الطريقة، ونحن ندرك أن الأمور ستكون مختلفة … الأمور ستتغير وهذا هو الوقت الذي تغيرت فيه. خسارة الحياة الطبيعية، الخوف من الخسائر الاقتصادية، فقدان الاتصال، نشعر بكل هذا لذا نحزن، بشكل جماعي، ونحن لسنا معتادين على هذا النوع من الحزن الجماعي.

"نشعر أيضًا بالحزن الاستباقي … هذا الشعور الذي ينتابنا بشأن ما يخبئه المستقبل عندما نكون غير متأكدين. وعادة ما يتمحور حول الموت. نشعر به عندما يُشخّص أحد ما من حولنا بمرض خطير أو عندما نفكر بشكل طبيعي بأننا سنخسر أحد الوالدين يومًا ما. الحزن الاستباقي يأتي من مستقبل نتخيّله. هناك عاصفة قادمة. شيء سيء ما سيحدث. مع الفيروس، يصبح هذا النوع من الحزن مربك جدًا للناس. عقلنا البدائي يعرف أن شيئًا سيئًا سيحدث، ولكن لا يمكننا تصوّره. هذا يكسر إحساسنا بالأمان ونشعر بفقدان الأمان. لا أعتقد أنه سبق لنا أن فقدنا بشكل جماعي إحساسنا بالأمان كما يحدث الآن. بشكل فردي أو كمجموعات أصغر، سبق أن شعرت الناس بذلك لكنّه جديد علينا أن يحدث ذلك بشكل جماعي على نطاق واسع. نحن نحزن على المستوى الجزئي والكلي ".

بالنسبة للمدربين/ات والمديرين/ات، فإن خطوة كيسلر الأولى للمساعدة في إدارة الانزعاج والطاقة السلبية هي فهم وإدراك مراحل الحزن. لا يحدث ذلك بأي ترتيب معين: 

هناك الإنكار، الذي نشعر به كثيراً في المراحل الأولى: لن يصيبنا الفيروس

– هناك الغضب: تلزمني بالبقاء في المنزل وتحرمني من أن أمارس نشاطاتي
– هناك المفاوضات: اذا حجرت نفسي لأسبوعين، سيتحسّن كل شيء من حولي، صحيح؟ 
– هناك الحزن: لا أدري متى سينتهي كل ذلك، وأخيراً
– هناك التقبّل: يحدث هذا، علي أن أجد طريقة للاستمرار.

يقول كيسلر: "التقبّل، كما قد نتصور، هو المكان الذي تكمن فيه القوة. يمكننا التحكّم بما حولنا في مرحلة التقبّل. يمكننا غسل أيدينا. يمكننا الحفاظ على مسافة آمنة. يمكننا أن نتعلم كيفية العمل بشكل فعّال".

كما ينصح:

– وجود التوازن في الأشياء التي نفكّر بها. إذا فكّرنا بأمور سوداوية، علينا التفكير بأمور ايجابية.
– تهدئة النفس، نريد أن نتّصل بالحاضر من خلال التركيز على خمسة أشياء من حولنا. تنفّس/تنفّسي. 
– التخلّي عمّا لا يمكننا التحكّم به. 
– جمع الكثير من التعاطف

بالنسبة لصحافيي/ات الخطوط الأمامية، فإن الانغماس في الأخبار السلبية طوال الوقت، سواء جسديًا أو عبر الإنترنت، يجلب مشاكله. تقول أخصائية علم النفس بو ضاهر إنه بينما يعيش الصحافيون/ات الضغط نفسه الذي يعيشه الآخرون، إلا أنهم قد يواجهون المزيد من مشكلات القلق. "يتعيّن على الصحافيين/ات التعامل مع الفيروس بشكل مباشر: عندما كان الناس ملتزمون بالحجر في المنزل، كان على الصحافيين/ات تغطية جائحة كوفيد-19 وكانوا عرضة لمزيد من القلق والمخاوف بشأن صحتهم الجسدية وصحة أفراد عائلاتهم."

وجد البحث الذي أجراه معهد رويترز لدراسة الصحافة وجامعة تورنتو أن 70٪ من المراسلين الذين درسوا، والذين كانوا يغطون كوفيد-19، يعانون الآن من شكل من أشكال الضائقة النفسية. تطابق التشخيص السريري لاضطراب القلق العام على ربع هذا العدد، مع أعراض القلق والشعور بالحساسية والأرق وضعف التركيز والتعب.

تقول بو ضاهر أن الناس غالبًا ما يفترضون أن جميع الأشخاص الذين يعانون من الصدمة، سيعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وهذا غير صحيح. "يعيش العديد من الأشخاص أحداث صادمة ويتعافون بسبب مرونتهم. بعض الأشخاص لا يطورون اضطراب ما بعد الصدمة بسبب نظام الدعم القوي الخاص بهم من الأصدقاء والعائلة. في حالات معينة، يتطور اضطراب ما بعد الصدمة. هذا أمر شائع بين الصحافيين/ات لأنهم يتعرضون لصدمات معقدة، مثل العديد من الصدمات المتتالية، بسبب طبيعة عملهم. يؤثر اضطراب ما بعد الصدمة على حياة الشخص لأنه يحرض على ذكريات الماضي والمخاوف.

يحتاج مدراء الصحافيين في الخطوط الأمامية إلى مراقبة التغييرات في السلوك – الانسحاب والاكتئاب والتصرف بغرابة والغضب والفوضى.

"يجب تشجيع هؤلاء الصحافيين في الخطوط الأمامية ومدراء الأخبار على القيام بأشياء إيجابية لخلق مساحة للأشياء الصعبة. يجب أن يجدوا بعض الوقت بمفردهم (حتى لو كان ذلك يعني وضع سماعات الأذن لحظر الآخرين) وممارسة الرياضة والحصول على بعض أشعة الشمس. يجب تناول الطعام الصحي وهذا أمر بالغ الأهمية أيضًا.

قالت أليكس لوجان، أخصائية الصحة والسلامة في Key Objectives، في بث لبودكاست سجّلته منظمة وان-ايفرا عن الصدمة، إنه من الطبيعي أن يواجه الصحافيون المخاطر النفسية. "نحن بشر، لسنا روبوتات، لذلك ستكون هناك مخاطر نفسية. نصيحتها للمدراء هي الاستعداد من خلال: 

– التحدّث عن المحاطر النفسية علناً
– تأكيد أنه لن تكون هناك تداعيات على شخص يبلغ عن شيء ما أو يتحدّث عن مشكلة
– التأكد من وجود شبكة لدعم الأقران – تدريب أشخاص رئيسيين للقيام بهذا الدور. 
– الاستماع. 

إن التحدي الكبير لكل من المدراء والصحافيين/ات هو تعديل التوقعات حول الإنتاجية والأداء. تقول اكسلي: "إن توقع النتائج نفسها كما كان من قبل يخلق ضغوطًا من جميع النواحي. لقد تغيرت الأمور، يجب الاعتراف بذلك وإعادة تقييم ما هو ممكن."

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *