Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

هذا ما حدث لي…قصة امرأة شجاعة عن التحرش الجنسي

الأسبوع الماضي، كتبت بريانكا بانسال، وهي صحافية في موقع The Quint في الهند، مقالة أخبرت من خلالها عن تجربتها كونها امرأة ناجية من اساءة وتحرّش جنسي. حصلنا على إذن من بريانكا بانسال لإعادة نشر هذه المقالة على موقعنا.

كما تظُهر إحصاءاتنا الخاصة، إن التحرش والاعتداء الجنسي ظاهرة عالمية. أظهرت نتائج استطلاع رأي أجراه برنامج “النساء في الأخبار" منذ عام لقاعدته الرئيسية في 12 دولة في جميع أنحاء منطقة افريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أن ما يقارب ثلثي الصحافيات اللواتي أجبن على اسئلة استطلاع الرأي قد تعرّضن إلى شكل من أشكال التحرش اللفظي في مكان العمل، وما يقارب ربعهنّ قد تعرضن لتحرش جسدي.

واحدة من أصل 12 صحافية قد تعرّضت للاعتداء الجنسي من قبل نظير لها أو رئيسها أو مصدر أخبار. 71٪ منهن لم يبلغن عن هذه الحوادث لمؤسساتهن أو للسلطات المحلية. وكان الخوف على الأمان الوظيفي، أو الشعور بالإحراج أو الخجل هي الأسباب الرئيسية لعدم الإبلاغ. 

نأمل من خلال نشر هذه القصة الشخصية أن تتشجّع المزيد من النساء في مجتمعنا ومجتمعات أخرى على رفع أصواتهن. لا يمكننا أن نبدأ بإزالة الوصم الهيكلي والثقافي حول الاعتداءات والمضايقات الجنسية  إلا بعد التخلص من الخجل والخوف من هذه التجارب – التي هي شخصية للغاية، ولكنها أيضاً عالمية – ومن خلال هذه العملية، نأمل أن يبدأ الشفاء.

إلى بريانكا بانسال: نسمعك. نصدقك. ونقف معك. شكرا على شجاعتك في مشاركة هذه القصة.
 

——

تحذير: إن هذه المقالة هي شهادة ناجية من الهند حول تحرّش جنسي متكرّر وإساءة معاملة الأطفال.

 

لماذا لم أبلّغ عن التحرّش الجنسي، وربما لن أبلّغ عنه أبداً
بريانكا بانسال

جددت سلسلة من الأحداث الأخيرة فتح النقاش حول حملة #MeToo و"لماذا لم أبلّغ؟" 
لماذا لم أبلّغ؟ لأن كل ذلك بدأ قبل أن أستطيع حتى أن أتلفّظ بهذه الكلمات. لماذا لم أبلّغ لاحقاً؟ لأنني كنت خائفة من الجميع، ولكن ما كان يخيفني أكثر هو إلقاء اللوم على الضحية. من الممكن أنني كنت قلقة عمّا قد يظنّه والداي أيضاً. 
إنها المرّة الأولى التي أتحدث بها عن هذه الأحداث، وأشعر بارتياح لذلك، وكأن حجراً يُرفع عن صدري. أعلم أنه لا يمكنني أن ألجأ الى أي أحد. قد لا يذكر أكثرية هؤلاء المتحرّشون ما حصل. أما أنا، على العكس، سوف تبقى هذه الذكرى معي، غالباً الى أن أشيخ. 
في الكثير من الحالات، تبدأ التوعية على التحرّش في المنزل. أظن أنه على الأهل أن يتناولوا موضوع "اللمسة الجيدة/اللمسة السيئة" مع أولادهم في وقت مبكر من الطفولة. 

مارس العادة السرية أمامي وقد كان عمري 8 أعوام آنذاك 

أذكر في يوم من الأيام، وقد كان عمري 8 أعوام تقريباً وكنت مع عمتي وقريب أصغر مني سناً في جانباث، سوق مشهور في ديلهي. كان رجل في الأربعين من عمره ينظر الي، وكانت له ذراع واحدة. حاولت تجاهله، لكنني لم أستطع أن أغادر المكان اذ أن عمتي كانت تشتري أشياءً لها. عندما نظرت اليه مجدداً بطرف عيني، لاحظت أنه كان يداعب عضوه الذكري. عندها، شعرت أنني "قذرة" لكنني لم أفهم تماماً ما كان يحدث. 
بقي الرجل يتبعنا فيما كان ينظر الي ويداعب نفسه باليد الوحيدة التي كان يملكها. 
بعد سنوات، علمت أنه كان يمارس العادة السري أمامي في مكان عام، وقد كان عمري 8 أعوام. 
بعد سنوات، عندما فهمت ملياً ما كان يحدث ذلك اليوم، شعرت وكأنني مدينة بالاعتذار لابنة الثمانية أعوام التي كنت، لأنني سمحت لها أن تشعر أنها "قذرة" دون أن يكون لها أي ذنب. 
الى الذين يقولون أن النساء "يجلبنَ ذلك لأنفسهنَّ،" كيف من الممكن أن تجلب ابنة الثمانية أعوام ذلك لنفسها؟ 

عندما يخذلك الجميع 

ما حطّمني فعلياً هو أن مدرستي خذلتني. كان أحد زملائي في الصف يتحرّش بي يومياً لمدة سنتين عندما كنت في الصف التاسع والعاشر، ولم يتدخّل أحد لإيقاف ذلك. لم يشعرني أساتذتي بالأمان الكافي لأتوجه اليهم وأتحدث عمّا كان يحصل لي. 
كانت سياسة لوم الضحية المتكررة تشعرني وكأنهم سيعتبرونه خطأ مني. لذلك، كنت أتحمّل. تحمّلت عندما  كان هذا الصبي يلمسني؛ تحمّلت عندما كان يقول لي أشياء قذرة. تحمّلت عندما أخبر جميع صبيان الصف أنني كنت عاهرة وأنني فقدت عذريتي معه. كان ذلك قبل أن أعرف ما هي العذرية بالأساس. كم كان وسخاً. 
أريد أن أبلّغ عن ذلك، أن أفضحه ولكنني لا أعلم كيف. يعمل نظامنا على أساس الشهود والأدلّة، وأنا لا أملك أي منها.
عندما خرجت قصة تانوشري دوتا الى العلن وطالبها الناس بالأدلة، اعتقدت أن افتراضي كان محقاً. لا تساوي كلمة الناجية فلساً واحداً. على الناجية إبراز الأدلة والشهود، ومن المفضل أن يكون الدليل عبارة عن مقطع فيديو، كي تصبح قصّتها أقرب الى أن تُصدّق. 

تبعني ولوّح لي وداعاً

حادثة أخرى وقعت منذ بضعة سنوات أثّرت فيّ بشكل كبير. بقيت أراجع هذه الحادثة في رأسي لمدة طويلة ولعنت نفسي لأنني لم أقم بأي شيء حيالها. (كانت هذه الحادثة الأصعب للكتابة عنها). 
حدث ذلك صباح أحد الأيام في كانون الثاني/يناير. كنت قد تأخّرت على تمرين المسرح. في محطة مترو راجيف شوك، دخلت الى مقطورة مزدحمة من المترو. كنت واقفة جنب الباب، واذا بي أشعر أن أحداً يحتكّ بي ويلامسني. للحظة، حاولت تجاهل هذا الشعور وحاولت أن أقنع نفسي أن ذلك كان صدفةً بسبب الازدحام. لكن عندما استمرّ ذلك، نظرت الى الوراء واذا بي أرى رجلاً يقف خلفي، وكان على الأغلب أكبر سناً من والدي.
كان يشعر بسعادة لا تُوصف. نظر الي مباشرة وابتسم. لا أذكر أنني شعرت يوماً بهذا الكم من الاشمئزاز كما شعرت في تلك اللحظة. 
حاولت أن أغيّر طريقة وقوفي ليفهم أنني لم أكن مرتاحة، ولكن ذلك لم يوقفه. بعد خمس دقائق، وبعد نزول بعض الركّاب من المقطورة، بدّلت مكاني وابتعدت عنه. عندما ترجّلت من المترو، نظرت بطرف عيني الى الخلف. كان الرجل يملك من الوقاحة ما يكفي ليتبعني حتى آخر سلالم المحطة ويلوّح لي بيده مودّعاً. 
قد يقول معظمكم الآن "لماذا لم تصرخي؟" أو "كان عليك أن تصفعيه مباشرةً". صدّقوني، لا أحد يعلم أكثر منّي كم مرة تصوّرت نفسي وأنا أصفع ذلك القذر. 
مع مرور السنوات، حاولت تخطّي هذه الحادثة ولكنني لم أستطع. أبى ذلك الشعور الّا أن يرافقني. شعرت أنني "قذرة" وعذّبت نفسي لأنني لم أطلق أي انذار حينها. لكنني كنت كالمشلولة. ولم أستطع الصراخ. 
ولكن مع الوقت، حاولت أن اسامح نفسي لأنني قرأت قصص ناجيات أخريات وسمعتهنّ يتحدّثن عن شعورهنّ بعدم القدرة على التصرّف عندما كنّ عرضة للتحرّش الجنسي وأنه من الطبيعي أن يحدث ذلك. لا تلومي نفسك اذا شعرتِ بالشيء نفسه. 
منذ ذلك الحين، كلما شعرت بعدم الارتياح في المترو بسبب قرب أحد الراكبين منّي، طلبت منه الابتعاد. في بعض الأحيان، جعلني ذلك أحذر من الأشخاص الطيبين أيضاً، ولكنني لا أستطيع أن أتحكّم بشعوري بسبب ما حصل لي. 

بحاجة ماسّة لتصديق الناجيات 

قد يكون العمل في غرفة الأخبار صعباً، خاصة بوجود تقارير عن اغتصابات واعتداءات وتحرّشات جنسية تحدث كل يوم، وكل ساعة أحياناً. كذلك الأمر بالنسبة للعمل على مواقع التواصل الاجتماعي لأنك دائماً على اطّلاع بما يفكّره الناس. لا يمكنك العيش في عالمك الجميل بعد اليوم. 
عندما خرج خبر تانوشري دوتا الى العلن حين بلّغت عن تحرّش جنسي قام به نانا باتيكار، كان ذلك يوازي أي خبر آخر، أو كان هذا ما اعتقدته حينها. 
عندما انتشر الخبر، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تضجّ بتعليقات من أشخاص متعددين كانوا يسألون عن الدليل، وكانوا يقولون أن هذه الادعاءات تم اطلاقها بهدف الدعاية متسائلين "لماذا لم تتكلم عن الموضوع منذ 10 سنوات؟". 
لدي شيء واحد لأقوله: توقفوا عن إطلاق الأحكام واصغوا. تستحق المرأة أن نصغي لها، بغض النظر عن الوقت التي تختاره للتكلّم. فهي لا تريد من ذلك غير العدالة. 
ذلك صعب. من الصعب تقبّل أن شيئاً رهيباً حصل لك. من الصعب الشعور بعدم الارتياح والرخص من غير ذنب. من الصعب معرفة أنك لم تحرّكي ساكناً. والأصعب هو مسامحة نفسك لأنك "سمحت لذلك أن يحدث." 
رسالتي لكل الناجيات، لم يكن ذنبك. لا يمكن تبرير التحرّش. لا بأس ان لم تتكلّمي، لديك أسبابك. ومن الجيّد ان قرّرت التكلّم. المزيد من القوة لنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *